أكثر من 64 ألف طفل فقير في الدنمارك
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ترتفع نسبة الفقر في الدنمارك منذ خفض الإعانات الشهرية قبل عامين، في محاولة لتشجيع المواطنين على الانخراط في العمل. هذا ما يشير إليه بعض الخبراء، ويحذرون مما هو أسوأ. خلال عام 2017، انضم نحو 12 ألف طفل إلى خانة “فقراء الدنمارك”، ليرتفع العدد الإجمالي مع نهاية العام الحالي إلى أكثر من 64 ألف طفل فقير في البلاد، بحسب التقرير السنوي الصادر عن حركة العمل في مجلس الأعمال، بالتعاون مع مركز الإحصاء الدنماركي. وتعود أسباب زيادة نسبة العائلات الفقيرة إلى الإصلاحات التي أدخلتها حكومة يمين الوسط منذ عام 2016 على قانون الإعانة المالية، والتي أدت إلى تناقصها. وتحذّر مؤسسات حقوقية من أن التعديلات هذه ستؤدي إلى زيادة عدد الفقراء. وكان هدف الإصلاحات دفع المقيمين والمواطنين للانخراط في سوق العمل، ما أدى إلى تحديد سقف المساعدات المالية شرط إثبات عمل الشخص 225 ساعة خلال العام. كما جرى تعديل أساسي في قوانين المساعدات، وبات أحد الزوجين فقط يستفيد من المساعدة المالية. يرى مدير مجلس الأعمال الدنماركي لارس أندرسن أنّ “ما يحدث مقلق جداً، وقد بات عدد الفقراء موازياً لعدد سكان المدينة السادسة في الدنمارك راندس”. وتجنباً لتصنيف العائلات في خانة الفقر، عمدت حكومة يمين الوسط إلى إلغاء الطريقة التي كانت معتمدة حتى عام 2015. ووضع مركز الإحصاء الدنماركي مؤشراً خاصاً هو “مؤشر الفقر النسبي”. ويقول خبراء الإحصاء إن الفقر في الدنمارك هو حين يكون دخل الأسرة أقل من متوسط الدخل في البلاد بمقدار النصف. وبدأت قصص الفقراء تتصدّر اليوم عناوين الصحف المحلية والقنوات التلفزيونية. وفي وقت ينتظر الأطفال هدايا عيد الميلاد، وشراء ملابس شتوية جديدة، قد يتعرض الآلاف إلى خيبة أمل من جراء الفقر، كما وصفت إحدى الصحف. وفي تقرير لصحيفة “بوليتكن”، تقول مديرة مؤسسة “مساعدة الأمهات” (منظمة معنية بمساعدة الأمهات الفقيرات)، نينا تومسن: “يحدث تطور سلبي”، مشيرة إلى أنّها تلقت آلاف الرسائل من أشخاص يطلبون المساعدة والحصول على هدايا للأطفال. تضيف: “إنه لأمر مروع أن تظهر الأرقام في بداية ديسمبر/ كانون الأول زيادة في نسبة العائلات الفقيرة في الدنمارك، وأن تصلنا كل هذه الطلبات. ومن المحزن جداً أن تفخر الدنمارك بكونها دولة رفاهية ورعاية اجتماعية ويحصل هذا لمواطنيها بسبب تعديل قانوني”.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
وتفيد منظّمة “أنقذوا الأطفال” في الدنمارك بأنها تقابل يومياً “أطفالاً يعيشون على حافة الفقر”. ويقول المدير العام يوناس ليندهولم إن تلك الأرقام “تصيبك بالصدمة. رقم 65 ألفاً و500 طفل فقير ليس رقماً عادياً، بل يعني تحطيم مشاعر أطفال كثيرين. وعلى السياسيين أن يشعروا بالعار لوصول الأمر إلى هذا الحد”. من جهة أخرى، يقول أستاذ علم الاجتماع والباحث في جامعة روسكيلدا جون أندرسن: “ما جرى هو تغير في السياسة الاجتماعية. نحن أمام تطوّر مقلق لمن يعيشون الفقر. هؤلاء الأطفال يعرفون الخوف والتهميش في المدارس، ولا يمارسون النشاطات لأن الأهل عاجزون عن تأمين المال، ما يجعلنا أمام تركة اجتماعية سلبية ستؤثر على حياتهم لاحقاً”. أمّا وزير العمل ترولس لوند بولسن فيرفض اعتبار الإصلاحات سبباً في زيادة نسبة الفقر. ويقول: “التعديلات هدفت إلى رؤية المزيد من الأهل في سوق العمل، والانخراط في العمل بدل تلقي الاعانات. وعليه، من الأفضل للأطفال أن يلتحق الأهل بعمل”. ولمعرفة مدى تأثير سقف المساعدات المالية الشهرية، تستعرض وسائل الإعلام قصّة المواطنة الدنماركية آن كريستوفرسن، وهي أم لثلاث بنات، أصيبت خلال عملها. ونتيجة خطأ طبي خلال العملية الجراحية، فقدت القدرة على الاستمرار في عملها في شركة التنظيف. ومنذ عام 2016، انضمت إلى قوائم الأشخاص الذين يحصلون على مساعدات شهرية. تقول: “حين تعود ابنتي الأصغر (10 سنوات) من المدرسة، تخبرني أن زملاءها في المدرسة يسألونها عن سبب ارتدائها المستمرّ للسروال نفسه. هذا الأمر يجعلني أشعر بالعجز. حاولت إخفاء المشاكل المالية عن الفتيات لكنهن اكتشفن الأمر”.
القانون الجديد أفقد آن 3500 كرونه (نحو 534 دولاراً) شهرياً، لأنها لم تستطع الالتزام بـ 225 ساعة عمل. وبعد دفع المصاريف الأساسية، يبقى لها 800 كرونه شهرياً (نحو 122 دولاراً)، علماً أن المبلغ لا يكفي الفرد الواحد أكثر من أسبوعين. فكيف ستتمكن من تلبية متطلبات ثلاثة أطفال في المدارس ولهن متطلبات مثل بقية الأطفال، أقلها الالتحاق بنشاط ما؟ وتوقفت اثنتان من بنات آن عن لعب كرة اليد بسبب عجزها عن تأمين المبلغ الشهري. تقول: “أثناء مرضي، كنت أعامل باحترام. لكن حين انتهى بي الأمر على لوائح الإعانة الشهرية، عانيت نفسياً وقد تأثرت بناتي”. تضيف: “أكون عصبية حين أتحدث مع موظفي البلدية المسؤولين عن قضيتي. كما أنني لا أستطيع شراء الطعام حتى بالمبلغ البسيط الذي أحصل عليه”. ويحذّر خبراء في الدنمارك من تأثير الفقر على المواطنين والمقيمين، خصوصاً أن آلاف المهاجرين واللاجئين هم من بين نحو 64 ألفاً يعيشون على حافة الفقر، بعد تشديد القوانين عام 2016.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ناصر السهيلي – العربي الجديد