الذكاء العاطفي : يبرز أَهمية العاطفة في التفكير..فكيف تدرب نفسك على مهاراته لعلاقات متوازنة؟
هل قرأت من قبل أي كتابات للفيلسوف “أرسطو” عن مفهوم الذكاء العاطفي وصفات الأشخاص المتمتعين به؟ يلخص أرسطو هذا المفهوم باقتباسه التالي:
“يمكن لأي شخص أن يغضب بسهولة. ولكن أن تغضب من الشخص المناسب بالدرجة المناسبة وفي الوقت المناسب وللغرض الصحيح، فهذا ليس بالأمر السهل”.
يجيد الأشخاص الأذكياء عاطفياً القيام بعدد من العادات والسلوكيات التي تساهم في قدرتهم على إدارة عواطفهم وفهم مشاعر الآخرين.
هل تعرف أي شخص يتحكم بشدة بمشاعره الخاصة وقادر على التعبير عن مشاعره بطريقة مناسبة، فضلاً عن التعاطف والتفهم لما يشعر به الآخرون؟ يملك هذا الشخص في الغالب ذكاء عاطفي شديد.
يتضمن الذكاء العاطفي أربع مهارات رئيسية، تشمل القدرة على:
- إدراك المشاعر.
- الموازنة بين العقل والعاطفة.
- فهم المشاعر.
- التحكم بالمشاعر.
حاول تدريب نفسك على إتقان هذه المهارات الخاصة بالأشخاص الأذكياء عاطفياً، وحاول تحويلها لعادات يومية. يمكنك أيضاً التحقق مما يعنيه أن تكون شخصاً منخفض الذكاء العاطفي.
لنعرف أكثر عن هذه المهارات الرئيسية:
1. يعير الأشخاص المتمتعين بالذكاء العاطفي اهتماماً لما يشعرون به!
إن “الوعي الذاتي” حسب تعريف عالم النفس والمؤلف “دانيال جولمان” هو أحد المكونات الرئيسية للذكاء العاطفي. يتضمن الوعي الذاتي القدرة على التعرف على الحالة المزاجية والعواطف والمشاعر. كما يتضمن أيضاً أن تكون مدركاً لكيفية تأثير عواطفك وحالتك المزاجية على الآخرين. إن هذه القدرة على مراقبة حالاتك العاطفية هي مطلب أساسي للذكاء العاطفي.
2. يفهم المتمتعون بالذكاء العاطفي كيف يشعر الآخرون!
بالنسبة لجولمان، يُعد “التعاطف مع الآخرين” عنصر مهم آخر من عناصر الذكاء العاطفي. حيث يجب أن تكون قادراً على معرفة ما يشعر به الآخرون، للتفاعل معهم في مجالات متعددة من الحياة، كالعمل أو الدراسة. فإذا كان زميلك في العمل منزعجاً أو مُحبطاً، فإن معرفة ما يشعر به بالضبط ستمنحك قدرة أكبر على التعامل معه ومساعدته.
3. يملك هؤلاء الأشخاص القدرة على تنظيم مشاعرهم..!
يُعد “التنظيم الذاتي” أمراً أساسياً أيضاً للذكاء العاطفي. إن فهم عواطفك أمرٌ رائع، لكنك لن تستفيد من هذا الفهم إن لم تتمكن من استعماله بشكل صحيح. يفكر الأشخاص الأذكياء عاطفياً قبل أن يتصرفوا بناءً على مشاعرهم. إنهم منسجمون مع ما يشعرون به، لكنهم لا يتركون عواطفهم تتحكم في حياتهم.
4. امتلاكهم الدافع، وهو عامل مهم في الذكاء العاطفي:
يملك الأشخاص الأذكياء عاطفياً الدافع لتحقيق أهدافهم، كما يملكون القدرة على التحكم بسلوكياتهم ومشاعرهم من أجل تحقيق النجاح على المدى الطويل. قد يشعرون ببعض الخوف أو التوتر عند حدوث أي تغيير في حياتهم، لكنهم يدركون أن أهم ما في الأمر هو “السيطرة على هذا الخوف”. كما أنهم يملكون الجرأة والاندفاع للتقدم بخطوات جديدة، مما يقربهم من تحقيق أهدافهم بشكل أكبر.
5. يملك الأذكياء عاطفياً مهارات اجتماعية كبيرة:
يملك الأشخاص الأذكياء عاطفياً القدرة على التعامل مع الناس بشكل فعال. كما أنهم يستثمرون هذه القدرة في الحفاظ على علاقات اجتماعية صحية، ومساعدة الآخرين للوصول لأهدافهم. في النهاية، سيساعد ذلك على بناء مجتمع صحي متماسك.
6. إنهم مستعدون وقادرون على مناقشة المشاعر مع الآخرين:
يشعر الناس بعواطف مختلفة، لكنهم يجدون بعض الصعوبة أحياناً في مشاركة هذه المشاعر مع الآخرين. إلا أن الأذكياء عاطفياً لا يفهمون المشاعر فحسب، بل يملكون أيضاً القدرة على التعبير عنها بشكل مناسب. لنفترض أنك قضيت يوماً سيئاً في العمل وسبّب لك ذلك الشعور ببعض الإحباط والغضب، فإن لم تملك القدرة على الحديث عن مشاعرك بشكل مناسب قد تتعرض لحالات سوء فهم ومشاكل مع زوجتك مثلاً. لذلك، إن رد الفعل العاطفي المناسب في هذه الحالة هو أن تقوم بمناقشة مشاعرك مع زوجتك، والتخلص من التوتر من خلال ممارسة الرياضة. يمكنك أيضاً التفكير في خطة من شأنها أن تجعل يومك التالي أفضل من سابقه.
7. القدرة على تحديد الأسباب الكامنة وراء عواطفهم بشكل صحيح..!
في حال شعرت مثلاً ببعض الغضب تجاه زميلك في العمل، حاول تقييم مشاعرك وتحديد السبب الرئيسي الكامن وراء شعورك هذا. على سبيل المثال، هل أنت غاضب من تصرفات زميلك في العمل، أم أن غضبك ينتج عن الضغط الذي يمارسه مديرك عليك؟. يملك الأشخاص الأذكياء عاطفياً القدرة على تحليل مواقفهم وتحديد الأسباب الحقيقية لمشاعرهم بشكل صحيح.
في الختام..
قد يبدو الأمر سهلاً بالنسبة لك، لكن الحقيقة هي أن ترتيب عواطفنا وتنظيمها قد يكون أمراً صعباً ومعقداً أحياناً. على كل الأحوال، لا بد لنا من محاولة تدريب أنفسنا على إتقان مهارات الذكاء العاطفي، للحصول على علاقات أكثر صحة وراحة.
اقرأ أيضاً: ما تأثير الحياة الخالية من الضغط والتوتر على الصحة النفسية للإنسان؟