الدولار الأمريكي: ما الأسرار الكامنة وراء قوته وهل سيحافظ على مكانته كأقوى عملة عالمية؟
هل تعرف السبب الكامن وراء قوة الدولار الأمريكي؟ هل لديك فكرة عن المراحل التي مر بها ليصل إلى تلك القوة؟ تكمن قوة الدولار الأمريكي في استخدامه كعملة عالمية، كما أنه مدعوم من قبل الاقتصاد الأمريكي القوي.
سنذكر فيما يلي المراحل التي مر بها الدولار و الأسباب الكامنة وراء قوته الدائمة، والتي تشرح لماذا لن تحل مكانها أي عملة أخرى بسهولة.
الإعلان عن الدولار الأمريكي كعملة عالمية في عام 1994:
بعد الحرب العالمية الثانية، اجتمعت دول العالم المتقدمة في “نيو هامبشاير” لإنشاء نظام نقدي أكثر استقراراً. قرروا ربط قيمة عملاتهم بالدولار الأمريكي، وذلك وفقاً لاتفاقية “بريتون وودز”، كما وافقت الولايات المتحدة على استبدال أي دولار بقيمته من الذهب.
فلماذا الدولار بالتحديد؟
تمتلك الولايات المتحدة ثلاثة أرباع الذخيرة العالمية من الذهب، ولم تملك أي دولة أخرى بالمقابل ما يكفي من الذهب لدعم عملتها. سمحت اتفاقية “بريتون وودز” للعالم بالانتقال من معيار الذهب إلى معيار الدولار الأمريكي، كما سمحت للدولار بأن يصبح بديلاً عن الذهب. نتيجة لذلك، بدأت قيمة الدولار بالارتفاع مقارنةً بالعملات الأخرى.
الدولار يحل محل معيار الذهب في السبعينيات:
بحلول أوائل السبعينيات من القرن الماضي، أدى التضخم المكون من رقمين إلى خفض قيمة اليورو مقابل الدولار. حيث بدأت البنوك الأجنبية بالمطالبة بالذهب مقابل دولاراتها، ولم تستطع الولايات المتحدة الاستمرار في الوفاء بهذا الالتزام المتزايد. فبدلاً من السماح للمستثمرين باستنفاد الخزانة الرئيسية لاحتياطي الذهب في الولايات المتحدة (Fort Knox) من جميع احتياطاتها من الذهب، قام الرئيس “نيكسون” بقك ارتباط الدولار بالذهب. بحلول ذلك الوقت، أصبح الدولار هو العملة الاحتياطية المسيطرة في العالم. فقد حل الدولار محل معيار الذهب تماماً في هذه المرحلة.
تعني قوة الدولار هذه قيام جميع الدول الاقتصادية الكبرى، كالصين وماليزيا وسنغافورة، بربط عملتها بالدولار الذي يحسن بقوته أرباح مصدّريها. تمتلك هذه الدول أيضاً ودائعاً كبيرة من سندات الخزانة الأمريكية. ونظرياً، يمكن لهذه البلدان بيع ممتلكاتها والتسبب بانهيار الدولار ولكن بارتباط أرباح الصادرات بقوة الدولار، فإن ذلك لا يدعم مصلحتهم.
لماذا لن يصبح اليورو “عملة عالمية” بالوقت القريب؟
في عام 2007، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق “ألان جرينسبان” في مقابلة له مع مجلة ستيرن الأسبوعية الألمانية: “من الممكن تماماً أن يحل اليورو محل الدولار كعملة احتياطية، أو يتم تداوله كعملة احتياطية لا تقل أهمية”.
قام “جرينسبان” بقول ذلك لأنه في نهاية عام 2006، كان اليورو يكتسب قوة كبيرة. فوفقاً لصندوق النقد الدولي (IMF)، كانت 25% من جميع احتياطات النقد الأجنبي التي تحتفظ بها البنوك المركزية باليورو (بدلاً من الدولار) في الربع الرابع من عام 2006، مقارنة ب 17.7% في الربع الأول من عام 2001. حيث كان سيحل محل الدولار.
لكن فرصة اليورو بأن يصبح عملة عالمية قد تضررت بسبب “أزمة منطقة اليورو” التي استمرت بين عامي 2009 و 2012. حيث كشفت هذه الأزمة عن صعوبات الاتحاد النقدي الذي تقوده كيانات سياسية منفصلة. على سبيل المثال، أرادت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” فرض تدابير تقشف للسيطرة على الديون، في حين أراد الرئيس الفرنسي “فرانسوا هولاند” تمويل برامج التحفيز من خلال إنشاء برنامج سندات للكتلة الاقتصادية.
كيف تؤثر قوة الدولار الأمريكي عليك عندما تكون مقيماً بالولايات المتحدة؟
- يؤدي الدولار القوي إلى انخفاض أسعار الفائدة. حيث يؤدي إلى زيادة الطلب على سندات الخزانة الأمريكية، والتي تُباع في المزاد. وعندما يكون الطلب عليها مرتفعاً، يكون المستثمرون على استعداد لدفع المزيد مقابل السندات بينما يطلبون عائداً أقل مما هو عليه عندما يكون الطلب ضعيفاً. نتيجة لذلك، فإن عائدات سندات الخزانة ستكون أقل، وهذا يقلل بدوره من أسعار الفائدة على السندات طويلة الأجل (كالرهون العقارية لمدة 15 عام و 30 عام).
- تكون الضرائب المستقبلية منخفضة عندما يكون الدولار قوياً. يمكن للكونغرس زيادة العجز عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة دون زيادة الفائدة على الدين القومي. ونظراً لأن هذه المدفوعات لا تزال متواضعة، فمن غير المرجح أن يحتاج الكونغرس إلى رفع الضرائب لدفعها.
- بوجود الدولار القوي، ستكون تكلفة الواردات أقل. يعمل الدولار القوي على خفض أسعار السلع الأجنبية مقارنةً بتلك المصنوعة في الولايات المتحدة، وهذا يؤدي إلى انخفاض أسعار الجبن الفرنسي والتلفزيونات الكورية والسيارات اليابانية.
- تؤدي قوة الدولار إلى ارتفاع عائدات النفط على البلدان المصدرة له. فمثلاً يمكن أن تؤدي قوة الدولار إلى انخفاض أسعار الغاز، لأن عقود النفط يتم تسعيرها بالدولار. وتُعتبر أسعار النفط عاملاً مهماً في تحديد تكلفة الغاز في المضخة.
أما الضرر الأكبر لقوة الدولار، فهو ارتفاع أسعار الصادرات الأمريكية مقارنةً بالسلع والخدمات الأجنبية. نتيجة لذلك، أصبحت المنتجات الأمريكية أقل قدرة على المنافسة في السوق العالمية. وهذا يدفع الجهات الشركات الأمريكية إلى خفض تسعيرها أو يضطرون إلى البحث في الخارج لخفض تكاليفهم.