الفقراء يموتون بالسرطان
مقال نقاش
أكتر – أخبار السويد
تنصّ المادة 12 من الدستور السويدي على أنّه يحظر على أيّ قانون أو قرار أو ما يشابههم، أن يفرض معاملة تمييزية بناء على اعتبارات الانتماء لمجموعة أقلية أو لأصل عرقي أو أيّ ظروف مشابهة أو بناء على التوجه الجنساني. لكن يبدو أنّ بعض السياسيين الموجودين في هيئات الحكم المحلية والبرلمان، يعتبرون بأنّ التمييز بين الفقراء والأغنياء في تلقي العلاج عامّة – وعلاج السرطان بشكل خاص – لا يندرج ضمن هذا النوع من التمييز.
اليوم في السويد إن كنت فقيراً/فقيرة، ومصاباً بالسرطان، فحصولك على علاج يمكن تحمّل تكلفته دون إرهاقك، لن يكون مضموناً. وكما كتبت الصحفية زينا الديواني ذات مرّة: «هل تريد النجاة من السرطان؟ لا تكن من الطبقة العاملة».
إحصاءات مفيدة
يمكن لبعض الإحصاءات من المعهد السويدي للاقتصاد الصحي، عن تكاليف العلاج وأدوية السرطان في السويد وأوروبا بين عامي 1995 و2020، أن تكون مفيدة:
- تضاعفت مرتين تكاليف العلاج السرطاني المباشر في أوروبا عموماً.
- تضاعفت أسعار أدوية العلاج السرطاني في الفترة ذاتها ثلاث مرّات.
- ازدادت إمكانات علاج حالات السرطان بشكل كبير على طول العشرين عاماً الماضية.
- نسبة الإنفاق على العلاج السرطاني في السويد، من مجموع الإنفاق العام على الرعاية الصحية، كان ثابتاً خلال عشرين عاماً بنسبة 4%. بينما تنفق بلدان مثل ألمانيا وفرنسا 6% من المجموع على رعاية السرطان.
- نجم عن عدم زيادة النسبة ذهاب معظم الأموال إلى الأدوية، وتخصيص أموال أقل لعلاج المرضى الداخليين في المستشفيات السويدية.
- أدّى ازدياد نسب نجاح علاجات السرطان لتأثير إيجابي على الاقتصاد الأوروبي، بحيث وتبعاً لطريقة الحساب هذه، انخفضت تكاليف علاج السرطان من 50 مليار يورو إلى 7 مليار فقط.
- تنفق السويد 11% من الناتج المحلي الإجمالي GDP على رعاية السرطان، وهو رقم صغير عند مقارنته ببلدان أوروبية ذات نواتج محلية إجمالية أقل وتنفق نسبياً أكثر.
- الإنفاق السويدي أدنى من المتوسط الأوروبي، حيث تنفق 187 يورو للشخص الواحد.
العلاج ليس للجميع
قررت سلطات مقاطعة سكونه التي يقودها حزب المحافظين (M) أن تفرض رسوماً على من يتلقى علاجاً للسرطان. حاول غيلبري تريبو Gilberg Tribo، مستشار المقاطعة من الحزب الليبرالي (L) أن يبرر الأمر بأنّه يهدف للمساواة بين الجميع! وكما علقت الصحفية زينا الديواني: يبدو أن جعل العلاج مجاني بهدف المساواة بين الجميع قد فات الليبراليين والمحافظين.
ودافع تريبو عن القرار، بأنّهم وضعوا حداً أعلى لتكلفة الزيارة 1150 كرون.
وقف كلّ من ممثلي حزب اليسار والاشتراكيين الديمقراطيين والخضر ضدّ هذا الأمر، كما أنّهم اقترحوا تخفيض تكاليف زيارة الإسعاف كي يتسنى للناس طلب الرعاية بشكل أكبر، لكنّهم لم يتمكنوا من النجاح بمساعيهم.
أعلنت مؤسسة السرطان، بأنّه كان بالإمكان إنقاذ 194 حياة سنوياً لو أنّ برامج الفحص تصل لجميع الناس، وقد فشلت مقاطعة سكونه بتوفير الفحص للناس بشكل متساوٍ.
وفي تقرير آخر لمؤسسة السرطان، كان لدى مقاطعة ستوكهولم 71% من النساء ممن شاركن في عمليات الفحص المبكر عن سرطان الثدي، بينما كانت النسبة في كامل السويد هي 81%. والسبب ببساطة يعتمد على المكان الذي تقطن فيه والوضع الاقتصادي-الاجتماعي المترتب عليه.
علاج أفضل تكاليف أقل
لماذا يفاجئنا ذلك عندما نعلم بأنّ مزودي الرعاية يخصصون أماكن للمرضى الذين يحملون تأميناً شركاتياً خاصاً كي يكون وقت الانتظار أقصر؟ وكما ذكرت الصحفية لوتا هايرينين، فالمشكلة هنا مزدوجة: من لديه تأمين خاص يحصل على رعاية طبية أفضل، وأنّ الذين لديهم حالة مرضية لا يتمكنون من الحصول على تأمين خاص إلّا بأسعار خيالية.
كمثال: لا يمكنك الحصول على تأمين صحي خاص يغطي مرض السرطان لدى شركة تأمين Alivia، إن كنت قد أصبت من قبل بالسرطان.
في 2020، حذّر اقتصادي الصحة توماس هوفمارشر Thomas Hofmarcher من أنّ عدم زيادة مخصصات رعاية مرضى السرطان ستؤدي إلى عدم القدرة على معالجة المرضى مع استهلاك الأدوية السرطانية كامل المخصصات. وكذلك حذّر رئيس اختصاصيي الأورام نيلز ويلكنغ Nils Wilking من الأمر ذاته.
سيعني النظر إلى التكاليف المباشرة فقط، دون النظر إلى تأثير نجاح العلاج الذي زاد بنسب 50 إلى 60%، سيعني أخذ صورة مجتزئة عن تأثير السرطان على الاقتصاد.
لكن في الحقيقة، ليس أمر تقليص مساحات العلاج، وأدوات العلاج المخصصة للسرطان بالأمر الجديد. ربّما بات اليوم أكثر وضوحاً – أو أكثر وقاحة. لكنّ الميل نحو تخفيض الرعاية الطبية للسرطان في السويد يعود إلى بداية القرن.
لكن رغم هذا التخفيض، لا تزال السويد تحقق نتائج ممتازة نسبياً في معالجة حالات السرطان على النطاق العالمي، فكيف إذا ما تمّ الإنفاق أكثر؟ قد يعود ذلك بالنفع على تحقيق «المساواة» بين المرضى، وكذلك سيعود بالنفع على الاقتصاد كما أثبت الأبحاث.