طائر البوم نذير شؤم وخراب عند العرب ومصدر تفاؤل وخير في الدنمارك وأغلب دول العالم
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
البومة طائر ارتبط في أذهان الكثيرين بالشؤم حيناً وبالحكمة أحياناً أخرى، وبقي محوراً أساسياً في العديد من الخرافات والأساطير على مر القرون، وهو ما يجعل من الكتابة عنه موضوعاً شيقاً ومثيراً، ولذا نذهب مع ديزموند موريس لنستكشف معه عبر كتابه “البومة” التاريخ الطبيعي والثقافي لهذه الجوارح الليلية.
يسعى ديزموند موريس في كتابه “البومة” إلى رصد تطورها، وتركيبتها الفسيولوجية بشكل دقيق، ورمزيتها عند الشعوب البدائية والمتحضرة والمتمدنة وتصورات الكتاب المقدس حولها، وبيان كيف وظفها الشعراء في قصائدهم، والروائيون في نثرهم، والرسامون في لوحاتهم والنحاتون في نقوشهم، كما يتعرض لأنواعها العديدة وحضورها الطاغي على وجه البسيطة، حيث توجد البوم على كل أرض مترامية في أرجاء المعمورة. ونتيجة لهذا الانتشار الواسع، فقد ظهرت هذه الطيور في الحكايات الشعبية، والأساطير والخرافات عند كثير من الشعوب.
تناقض واضح
يقول المؤلف إن البومة طائر ينطوي على تناقض واضح، فهو يعد من أكثر الطيور انكشافاً ووضوحاً، وأكثرها غموضاً أيضاً، فإذا طلبت من أي شخص أن يرسم صورة لبومة فسوف يبادر لذلك دون تردد، وأما إذا سألته متى كانت آخر مرة رأى فيها بومة، سيصمت لبرهة، ويفكر ملياً، ويجيبك أنه لا يتذكر ويرجع الباحث هذا التناقض إلى أنه من السهل إدراك أساليب عدم رؤيتنا لطائر البومة الحي إلا نادراً، إلى أن هذا الطائر الضاري الخجل يقوم بتحليقاته بصمت تام تحت جنح الظلام، ولولا خروجنا عن طورنا لصيد واحد منها تنظيم مطاردات ليلية بأجهزة ومعدات خاصة، لما سنحت لنا فرصة رؤية أحد هذه الطيور وجهاً لوجه.
ويوضح الباحث أن هناك ثمة تشابه بين البشر وهذا الطائر، وذلك من خلال رأسه العريض وعيناه الواسعتان، وهو ما يجعلنا أكثر إدراكاً له، ويشعرنا بالتعاطف معه وكأننا في حفرة قريبة من حبس الطيور، وإن كان هذا لا يمنعنا من الشعور بالخوف منه. وعندما نتفحص تاريخ علاقتنا بالبوم، نكتشف أنها كانت تحتمل – في الحقيقة – الحكمة والشر على حدٍ سواء فقط، تستمر صور البومة في التغير حكيماً أو شريراً، شريراً أو حكيماً، ظلت هاتان الإيقونتان تتبادلان وتتغيران لعدة آلاف من السنين.
البومة فى الموروث الشعبي العربي نذير شؤم وخوف بينما تختلف رمزيتها في أوروبا تماما، منذ أن حملتها آلهة الحكمة أثينا على كتفها. ـ وسبقت مصر القديمة أوروبا في الاحتفاء بالبومة.
حيث كانت (تاووكت) تحظى بأهمية كبرى لدى الفراعنة، وكانت طائر رمسيس الثاني المفضل، إلي أن ضربته ذات يوم بجناحها على وجهه فكادت تفقأ عينه فغضب ونقم عليها، وربما تغيرت نظرة المصريين للبومة بعد هذه الحادثة،لكنها ظلت في الكتابة الهيروغليفية رمز حرف الميم، ما يشير إلي أن المصريين القدماء لم يعتبروها مصدر شؤم, وكان جنود اليونان يتخذون البومة رمزا للنصر، وفى الهند كانت رمزا للحكمة والمساندة والنبوة ولكنها تغيرت فى العصور الوسطى وأصبحت رمزا للموت. وكانت عند الرومان أيضا رمزا للموت ويحكى أن موت يوليوس قيصر تم التنبؤ به برؤية البومة. وتقول أسطورة رومانية أن السحرة تحولوا إلى بوم يمص دماء الأطفال.
وفي أوروبا عموماً وألمانيا تحديداً يستخدمون صورة طائر البوم في كل شيء كالألبسة سلاسل الذهب وبطاقات المعايدة بل وحتى هناك شركات عالمية رمزها هو طائر البوم.
مع العلم أن البوم يقضي على الفئران ويمنع الأضرار التي تسببها لبعض المحاصيل الزراعية، ويساعد في منع الأوبئة، وربما لو علم الفلاحون حجم منفعته لهم لامتنعوا عن استخدام المبيدات شديدة السُمِّية، ولتغيرت نظرة المجتمع الريفي لهذا الطائر الذي يخلصهم من القوارض والزواحف، ولتحولوا من اعتباره نذير شؤم ليصبح فأل خير بأنظارهم.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});