أسلوب التربية يقف وراء سعادة الأطفال الدنماركيين
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
نشرت صحيفة “برلينر تسايتونغ” الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن الشعب الأكثر سعادة في العالم. وأكدت الدراسات التي أجريت على مدى 40 سنة أن الشعب الدنماركي يعتبر الأكثر سعادة على مستوى العالم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن كلا من الكاتبة الأمريكية، جيسيكا جويل أليكساندر والطبيبة النفسية الدنماركية، إيبن ديسونغ سندهل، صاحبتا كتاب: “لماذا يعد الأطفال الدنماركيون الأسعد والأكثر توازنا”، قد عزتا السبب في كون الدنماركيين الأسعد على الإطلاق إلى الفلسفة الفريدة التي يعتمدها الدنماركيون في تربية أطفالهم.
وبينت الصحيفة أن هناك عدة عوامل فيما يتعلق بأسلوب التربية تقف وراء كون الأطفال الدنماركيين سعداء، لعل أبرزها السماح لهم باللعب. وعلى الرغم من أن الوالدين يحددان برامج يومية لأطفالهم على غرار لعب كرة القدم والذهاب إلى نادي الرقص وحصص البيانو، إلا أن الوقت المتاح لتلك الأنشطة ضيق للغاية. في الأثناء، يساعد اللعب، المفيد والبناء، الأطفال على الاسترخاء بشكل جيد.
وفي هذا الصدد، أكد الخبراء أن إعطاء الأطفال حيزا من الحرية للعب يساعدهم على التخلص من القلق والشعور بالإحباط، في حين يكونون أقل عرضة للاكتئاب والخوف. وفي الدنمارك، يعمل الآباء على عدم التدخل مطلقا في طريقة لعب أطفالهم ما لم يكن هناك داع لذلك. وقد ساهم ذلك بدوره في دفع الأطفال إلى تعلم أمور جديدة واكتساب ثقة أكبر في أنفسهم.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
وأفادت الصحيفة أن من بين العوامل الأخرى وراء سعادة الأطفال في الدنمارك، التزام الآباء بمبدأ الصدق في المشاعر والأقوال تجاه أبنائهم. ففي الواقع، تعد الإجابة الصادقة على أسئلة الأطفال أمرا أساسيا في تربيتهم، حتى عندما يتعلق الأمر بتوصيف الجوانب الصعبة من الحياة. ويعود ذلك إلى أن الأطفال يلاحظون على الفور عدم صدق أهلهم. ونظرا لأن الأطفال لا بد أن يدركوا في سن مبكرة مشاعر الحزن والسعادة والخوف، يتوجب على الآباء سرد قصص حقيقية من طفولتهم لتجسيد تلك المشاعر. وفي حين قد يؤثر ذلك على بعض الأطفال سلبا، إلا أنه يفتح حوارا حول الجوانب المختلفة للحياة، ليصبح الطفل أكثر قدرة على التعايش مع الأحداث الحزينة والعقبات.
وذكرت الصحيفة أن العامل الثالث يتمثل في أن الآباء في الدنمارك لا يسرفون في عبارات الثناء والمجاملات تجاه أبنائهم. وفي هذا الصدد، أكدت الكاتبة، جيسيكا أليكساندر والطبيبة النفسية، إيبن سندهل، أن الآباء لا يجب أن يفرطوا في الثناء على أطفالهم، كما لا يجب أن يقوموا بذلك باستمرار. عموما، يشيد الآباء الدنماركيون بما حققه أطفالهم من إنجازات مما يدفعهم إلى تقديم الأفضل، وعدم الاكتفاء بما فعلوه.
والجدير بالذكر أن المواقف غالبا ما يتم تفسيرها انطلاقا من وجهات نظر مختلفة، في حين أن تقييم بعض الوضعيات يعتمد على شعور الفرد تجاه أمر أو حدث ما. وفي هذا السياق، يجيد الآباء الدنماركيون تفسير المواقف من وجهة نظر إيجابية، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تجاهل المواقف السلبية في الحياة بل إعطاءها قيمة أقل. ويدفع هذا النهج الأطفال إلى التركيز على ما يستطيعون القيام به دون التفكير في إمكانية عدم نجاحهم أو فشلهم في تحقيق ذلك، ما يعزز ثقتهم بأنفسهم.
وذكرت الصحيفة أن طريقة تحدث الوالدين مع الطفل تلعب دورا محوريا في هذا الصدد. ففي الواقع، لا يجب التعاطي مع الأطفال انطلاقا من مبدأ أن الأمور إما سلبية بحتة أو إيجابية نظرا لأن ذلك يعزز شعورا بخيبة الأمل في نفس الطفل. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تجنب بعض العبارات أثناء الحديث مع الطفل من قبيل “أنت.. دائما” أو أنت.. مطلقا” أو “أنا أكره ذلك”. فعلى سبيل المثال، لا ينبغي وصف الطفل بأنه عدواني “دائما”، بل يجب التركيز على تقويم تصرفات الطفل ووصفها على أنها عدوانية “أحيانا”.
وأبرزت الصحيفة أن العامل الخامس يتمثل في تقدير المشاعر المختلفة للأطفال. وفي حين قد يعتبر البعض أن مشاعر الأطفال غير منطقية، ينبغي للآباء تقدير تلك المشاعر وعدم إطلاق الأحكام بشأنها. وبالتالي، سيشعر الطفل بأن من حوله يحترمون مشاعره ويتعاطفون معه. وفي هذا السياق، يحاول الآباء في الدنمارك أن يساعدوا أبناءهم على التعرف على ماهية تلك الأحاسيس، بالإضافة إلى دفعهم إلى تقدير مشاعر الآخرين.
وذكرت الصحيفة أن العامل السادس في كون الأطفال الدنماركيين الأسعد في العالم يتمثل في تكريس مفهوم “الدفء العائلي” في صلب العائلات في الدنمارك. ويلعب هذا الأمر دورا محوريا في لم شمل العائلة. وغالبا، تحدد الأسر في الدنمارك وقتا معينا لتجمع أفراد الأسرة، مما يساهم بشكل كبير في توطيد العلاقات بين أفرادها. ويهدف هذا اللقاء العائلي الدوري إلى الاستمتاع بالوقت بعيدا عن الضغوطات الخارجية والهواتف الذكية، والحصول على الراحة، في حين يتسنى للأطفال اللعب مع ذويهم والاستمتاع بصحبتهم.
وفي الختام، شددت الصحيفة على أن كتاب “لماذا يعد الأطفال الدنماركيون الأسعد والأكثر توازنا” يعد رائعا فضلا عن أن محتواه جديد، حيث يتناول كيفية تعامل الآباء الدنماركيين مع أبنائهم بعيدا عن أي نظريات أو خدع تربوية.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});