لاجئة سورية مقعدة تروي مأساتها أمام البرلمان الأوروبي
نوجين مصطفى لاجئة سورية من ذوي الاحتياجات الخاصة استطاعت رغم الظروف الصعبة الوصول إلى ألمانيا على كرسيها المتحرك وواجهت الساسة الأوروبيين بالوضع الصعب للاجئين ذوي الاحتياجات الخاصة.
القاعة مليئة بالساسة والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين، لكن كل الأنظار متجهة إليها والكاميرات موجهة إليها، إنها نوجين مصطفى، الشابة السورية المقعدة ذات الثمانية عشر عاما والتي شغلت قصتها الإعلام العالمي قبل عامين، حين هربت مع أختها من مدينته حلب إلى تركيا ومن هناك عبرت إلى اليونان ومن ثم سلكت طريق البلقان على كرسيها المتحرك باتجاه ألمانيا. صباح يوم الأربعاء (29 مارس/ آذار) أخبرت البرلمانيين الأوروبيين بتفاصيل مأساتها ومأساة السوريين وحياتها الجديدة في ألمانيا.
بدأت نوجين سرد قصتها بالقول “أن تعيش حربا وأنت شاب، أمر سيء جدا”. وما كان يؤلمها كثيرا هو أنها كانت تعيش في خوف دائم حول أسرتها التي لم تكن تستطيع الهروب بسبب إعاقتها. نوجين كردية ولدت وترعرعت في مدينة حلب، ومع اشتداد المعارك والقصف المستمر للمناطق المدنيين واقتراب عناصر “الدولة الإسلامية” من بلدها، كانت تنظر بحسرة إلى صور السوريين الذين يهربون باتجاه أوروبا ويزداد عددهم باستمرار. لكن أتت اللحظة التي لم يعد الانتظار فيها ممكنا وقال لها إخوتها: “يجب أن تهربي قبل أن يصبح الوقت متأخرا والهروب مستحيلا.”
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
الكرسي المتحرك عبء إضافي
استطاعت نوجين أن تهرب من حلب إلى تركيا مع شقيقتها، ثم عبرت البحر في قارب مطاطي مع أختها ولاجئين آخرين إلى جزيرة ليسبوس اليونانية. لكن ما كان يقلقها هو كرسيها، الذي كانت تخشى أن يرمى به في البحر لتخفيف الوزن على متن القارب، فأصبح “الكرسي عبئا” تقول نوجين، ولكن لحسن الحظ وصلت مع كرسيها إلى ليسبوس.
وما كان الوصول إلى الجزيرة إلا بداية رحلة الشقاء لنوجين، وأخبرت الحضور في القاعة كم كان صعبا تلبية احتياجاتها الخاصة التي تصفها بالقول “إنها حقيقة محزنة، أن يكون المرحاض في القرن الحادي والعشرين رفاهية!”.
قصة نوجين تعكس حال الكثير من اللاجئين الذين يعانون من الصدمات النفسية أو أمراض مزمنة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، وما كابدوه في رحلة العذاب إلى أوروبا.
إلى أين تذهب الأموال؟
تبلغ نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة حوالي 15 بالمائة من عدد سكان العالم. فكم هو كبير عدد هؤلاء الذين يهربون من مناطق الحروب حول العالم؟ لا أحد يعرف عددهم بالضبط! المدافعون عن حقوق الإنسان يحملون نظام الدوائر الرسمية وبيروقراطيتها مسؤولية ذلك، حيث أنها ليس لديها سجل خاص للاجئين من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويعاني اللاجئون ذوو الاحتياجات الخاصة، لأنه، وحسب المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان مثل هيومان رايتس ووتش والمنتدى الأوروبي للمعاقين، لا تتم مراعات احتياجاتهم المختلفة عن اللاجئين الآخرين فيما يتعلق بالسكن والرعاية الصحية ونادرا ما تتم رعايتهم نفسيا.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ويسأل ممثلو المنظمتين، الذين حضروا الاجتماع، الساسة الأوروبيين: لماذا لا يحصل اللاجئون على المساعدة التي يحتاجونها، رغم المبالغ الضخمة التي خصصها الاتحاد الأوروبي لهم؟! فقد منحت المفوضية الأوربية أكثر من 125 مليون يورو للحكومة اليونانية من أجل اللاجئين وحوالي 370 مليون يورو للمنظمات الإغاثية، وبينها المفوضة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، حسب ما أفاد المفوض الأوروبي لشؤون المساعدات الإنسانية والحماية من الأزمات، كريستوس ستيليانيدس الذي أقر “باستمرار مواجهة الكثير من المصاعب والتحديات ولاسيما في الجزر اليونانية” لذا يجب أن تمنح المفوضية الأوروبية 250 مليون يورو أخرى للحكومة اليونانية.
نوجين محظوظة
ولا يزال 50 ألف لاجئ ينتظرون نقلهم من اليونان وتوزيعهم على دول الاتحاد الأوروبي، وفق ما اتفقت عليه دول الاتحاد عام 2015. وتذكر مأساة نوجين ووجودها في القاعة دول الاتحاد الأوروبي بواجبها الأخلاقي وتقول “إذا كنتم لا تريدون أن يعاني ويتألم الناس، يجب ألا تتركوهم ينتظرون هناك (اليونان)”. وترى نوجين نفسها من “المحظوظين” وهي ممتنة جدا لإتاحة الفرصة لها للتحدث أمام البرلمان الأوروبي عن تجربتها وتروي مأساتها، وتختم كلامها بالقول “كان هدفي أن ما أقوله هنا، عسى ولعل يغير ويحسن بعض الشيء وضع اللاجئين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك لباقي اللاجئين”.
نينا نيبرغال/ ع.ج
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});