الدنمارك: فضائح التحرش الجنسي تتدحرج في شبيبة الأحزاب السياسية
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
في بلد ينتفض فيه ممثلو الشعب وساسة الأحزاب الدنماركية، للانتصار لحقوق المرأة، وتثبيت مكانتها بالمساواة في المجتمع، تبرز في المقابل مشكلة حقيقية في الحدائق الخلفية، الرديفة في اختيار قادة المستقبل، خصوصا في اتحادات شبيبة يمين ويسار الوسط الدنماركي.
وآخر تجليات قضايا “التحرش والإهانات الجنسية”، كما تطلق عليها وسائل الإعلام والصحافة في كوبنهاغن، تطاول هذه المرة يسار الوسط في أكبر وأعرق أحزاب البلد، “الحزب الاجتماعي الديمقراطي”، بعد أن أصابت صدمتها مجتمع الدنمارك قبل نحو أسبوعين بالكشف عن تحرش واغتصاب في حزب “التحالف الليبرالي”، يمين الوسط، المشارك في ائتلاف حكومي إلى جانب المحافظين والليبراليين في “فينسترا”.
وكشفت صحيفة “إنفارماسيون” الدنماركية، يوم 23 فبراير/شباط، الماضي، استنادا إلى شهادات عن فضيحة “الاعتداء والتحرش الجنسي في صفوف شباب (حزب) التحالف الليبرالي.. الشرطة تحقق في سبع شكاوى نسوية”، لتتدحرج وتطاول رؤوسا قيادية في شبيبة الحزب.
وشملت الشكاوى “حالات اغتصاب في الشبيبة الليبرالية”، وبحسب ما تسرب من وثائق داخلية للصحيفة الدنماركية، انتشرت في كل وسائل الإعلام، فإن الشبان المشاركين في الاعتداءات تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة وبداية العشرينيات، والمعتدى عليهن بين الرابعة عشرة والحادية والعشرين. استمع الدنماركيون في السياق إلى شهادة رئيس اتحاد شبيبة التحالف الليبرالي السابق، راسموس بروغر، بتقديم معلومات عن “خمس من القضايا التي أعرفها، ووجدت أنه من الضروري إطلاع الرأي العام عليها وتدخل الشرطة فيها، لأني لم أجد تحركا حقيقيا في داخل الحزب (التحالف الليبرالي)”. وأصيب رئيس الاتحاد الحالي، كارل أندرسن، بـ”صدمة ودهشة” لما سمّاه “ثقافة جديدة غير مقبولة ويجب أن تكون الأولوية تأمين كرامة كل الأعضاء”.
شهادة مقلقة قدمتها بعض اللواتي تعرضن لتلك الممارسات الجنسية، وبينها انتهاكات خطيرة بنظر القانون الدنماركي. وعليه، وجهت سهام الانتقادات العنيفة لقيادة الحزب الأم، التحالف الليبرالي، الذي عبرت مسؤولة مجموعته البرلمانية، كريستينا ايغلوند، عما سمته “الصدمة من تلك الاتهامات واتخاذ إجراءات في اتحاد الشبيبة”.
وذكر رئيس الاتحاد السابق، بروغر، أن على قياديي اتحاد الشبيبة الاستقالة من مناصبهم “فقد علمتم بهذه القضايا طيلة ثمانية أشهر، لكنكم لم تتخذوا إجراء واحدا”. وفي اليوم التالي لكشف “إنفارماسيون” عن “الفضيحة الجنسية”، عقد المؤتمر العام لاتحاد الشبيبة وأزاح القيادة، وتم اختيار الشابة سينا بويفاد، 20 عاما، رئيسة له بحصولها على أغلبية الأصوات. هذا إلى جانب استمرار النيابة العامة الدنماركية بفتح تحقيقاتها، في قضايا التحرش والاعتداءات في صفوف الاتحاد.
فضائح التحرش الجنسي مستمرة (ناصر السهلي)
ولم تقتصر تلك الفضائح على يمين الوسط، فقد استيقظ الدنماركيون صباح اليوم الخميس على وقع صدمة ثانية تتناولها التلفزة والصحافة لتصيب هذه المرة يسار الوسط.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
الرئيس السابق لاتحاد شبيبة “الاجتماعي الديمقراطي، لاسا كفانغ راسموسن، تشجع في الكشف عما جرى في حزب الليبراليين، ليكشف بنفسه أن استقالته في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، لم تكن بسبب ما بررها الحزب الاجتماعي الديمقراطي بأنها “استنفاد طاقة وأعباء كبيرة”.
واعترف كفانغ راسموسن بأن حقيقة ما جرى تتعلق بـ”انتهاكات جنسية بحق شابات في داخل الشبيبة”. بل ذهب للاعتراف بأنه بنفسه شارك في انتهاكات جنسية طاولت عددا من الأعضاء الإناث بالاتحاد. ورغم تعبيره عن “الأسف مرة ثانية وأقدم اعتذاري لكل من مسّهم تصرفي، من نساء وزملاء في الحزب وأسرتي”، إلا أن القضية يبدو أنها ماضية لتوجيه ضربة أخرى لأكبر أحزاب البلد، الاجتماعي الديمقراطي، بعد كشف النقاب عن أن الحزب “كان يعلم بوجود شكاوى عن تحرش وتخط لحدود الشابات، وتقدمن لمجلس القيادة في الاتحاد بشكاوى متكررة إلا أن شيئا لم يتخذ”، بحسب ما يذكر التلفزيون الدنماركي، دي آر.
“تأنيب الضمير” لدى كفانغ راسموسن لم يرق للكثيرين الذين اعتبروا أنه “اعتذار يجيء بسبب معرفته أن الصحافة في طريقها للكشف عن التفاصيل، فهي خطوة لمحاولة حماية ظهره، وهي ليست أكثر من هراء سياسي لا يفعل شيئا للجيل القادم وخصوصا حين عقدت الآمال على أن يكون شباب القرن الحالي أفضل من سابقيهم”، وفقا لتعليق الناقد السياسي الساخر، يسبر نور أندرسن.
ويأتي الكشف عن هذه الفضائح في الحياة السياسية الدنماركية على وقع إيلاء الدنماركيين أهمية كبيرة لقضايا حقوق المرأة، وقبيل نحو 3 أشهر من الانتخابات العامة. وعادة ما تعتبر شبيبة الأحزاب السياسية أحد أهم مصادر الأحزاب في اختيار قيادييها وسياسييها، ومنهم وزراء ورؤساء حكومات، كرئيس الوزراء الحالي، لارس لوكا راسموسن، الذي كان عضوا في شبيبة حزبه، وكذلك منافسته من يسار الوسط، وزعيمة الاجتماعي الديمقراطي، ميتا فريدركسن.
وعادة ما تتدخل الشرطة الدنماركية وتفتح تحقيقا في كل القضايا التي يشك في وجود انتهاك جنسي، حتى لو كان في مستويات سياسية رفيعة في البلد، وهو ما يجري حاليا مع هذين الحزبين.