فضيحة بجهاز استخبارات الدنمارك ونقص كبير بذخيرة الجيش
فضيحة بجهاز استخبارات الدنمارك ونقص كبير بذخيرة الجيش
نشر موقع “مودرن دبلوماسي” الأمريكي، تقريرا تحدث فيه عن حيثيات فضيحة
الدنمارك، التي تشمل إعلانها عن نقص كبير بذخيرتها العسكرية، وفضيحة تنفيذ
جهاز استخباراتها لعمليات تجسس ضد أجهزة الاستخبارات الألمانية والهولندية
والفرنسية والسويدية والنرويجية، لصالح وكالة الأمن القومي الأمريكية.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن مشاركة الدنمارك في جميع
التدخلات الرئيسية للولايات المتحدة وحلف الناتو، من 1991 حتى 2020، كان له
تداعيات على سمعتها، خاصة جراء المشاكل المستمرة التي تعرضت لها لتجهيز
القوات المسلحة الدنماركية وفقًا لمتطلبات حلف الناتو.
ويبدو أن الأخبار الأخيرة حول النقص المتزايد في الذخيرة والقذائف في الجيش
الدنماركي، تقدم دليلاً إضافيًا على تخلّف الدنماركيين عن ركب دول الناتو في ما
يتعلق بالقدرات العسكرية.
وفي مقابلة مع الإذاعة الدنماركية، أكد رئيس الدفاع الجنرال فليمنغ لينتفر، أن
الجيش الدنماركي “ليس جاهزًا للقتال بالنظر إلى مخزون الذخيرة المتاح”.
وقبل التخطيط لشراء معدات جديدة من خلال إبرام اتفاقية دفاع جديدة، يحتاج
البرلمانيون الدنماركيون إلى تزويد الجنود الحاليين بالذخيرة الكافية.
وأشار الموقع إلى أن النقص في الذخيرة أصبح حادًا بشكل مفاجئ، لأسباب تشمل
انسحاب الشركة الإسبانية “إكسبال”، التي كانت في السابق موردًا للجيش
الدنماركي، في خريف 2021 بشكل غير متوقع من عقد مدته سبع سنوات مع
القوات المسلحة الدنماركية.
وذكر الموقع أن التأخير في تنفيذ المشاريع العسكرية الخمسة الرئيسية بموجب
اتفاقية الدفاع 2018- 2023، بما في ذلك التعزيز الكامل للواء الأول الآلي بحوالي
4 أربعة آلاف جندي، والفضيحة التي طالت خدمة استخبارات الدفاع الدنماركية التي
تفيد بأنها نفذت عمليات تجسس ضد الألمان والهولنديين والفرنسيين والسويديين
والنرويجيين، لصالح وكالة الأمن القومي الأمريكية، ساهمت في تراجع مكانة
الدنمارك في التحالف.
وكانت أبرز أحداث هذه الفضيحة اعتقال أربعة ضباط مراقبة سابقين وحاليين في
كل من جهاز الأمن والمخابرات الدنماركي، من بينهم رئيس الجهاز السابق لارس
فيندسن في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2021، ليتم لاحقا إطلاق سراحه في 17
شباط/ فبراير 2022 بعد استئناف قضيته بنجاح..
كذلك اعتقال وزير الدفاع السابق كلاوس هيورت فريدريكسن، الذي وجهت إليه
اتهامات بشكل رسمي في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2021 لخرقه المادة 109 من
القانون الجنائي الدنماركي، التي تتعلق بالخيانة وإفشاء البيانات السرية المتعلقة
بالأمن القومي أو المصالح الاقتصادية الوطنية في الخارج – مع العلم أن المحاكم
لم تستخدم هذه المادة منذ سنة 1979.
ويطالب كل من فيندسن وفريدريكسن بإعلان محتوى التهم الموجهة إليهما
للجمهور. ويدعي فريدريكسن أن “أسرار الدولة” المزعومة مجرد مقالات صحفية
وخطابات عامة، مشيرًا في مقابلات مختلفة إلى التعاون بين أجهزة المخابرات
الأمريكية والدنماركية التي يُزعم أنها جعلت التجسس على المسؤولين الأجانب
ممكنًا.
ولكن من أجل إثبات أن تصرفات فريدريكسن جريمة، فإنه يجب إثبات أن تصريحاته تؤكد التكهنات السابقة حول وجود مثل هذا التعاون الاستخباراتي.
لكن كيف يمكن أن تؤثر هذه الفضيحة على علاقات الدنمارك مع الحلفاء الرئيسيين
وديمقراطية الدنمارك في حد ذاتها؟
تهديد للديمقراطية
أورد الموقع أن نقطة بداية الأزمة داخل جهاز الأمن والمخابرات الدنماركي كانت البيان الصحفي الذي لم يسبق له مثيل تاريخيًا الصادر عن لجنة الرقابة الدنماركية في البرلمان في 24 آب/ أغسطس 2020، الذي استند إلى حد كبير إلى المعلومات الواردة من مبلغين مجهولين انتقدوا بشدة جهاز الأمن والمخابرات الدنماركي لجمع وتبادل البيانات بشكل غير قانوني حول المواطنين الدنماركيين منذ سنة 2014 – على الأقل – وتقديم معلومات مضللة للجنة الرقابة الدنماركية.
واضطرت وزيرة الدفاع السابقة ترين برامسن، إلى إقالة لارس فيندسن مع مسؤولين آخرين من الجهاز الاستخباراتي الدنماركي.
وتم إنشاء لجنة تحقيق خاصة في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2020. وبحسب النتائج التي توصلت إليها اللجنة، فإنه ثبت أن الاتهامات والانتقادات التي وجهتها لجنة الرقابة في وقت سابق غير مبررة.
وتم إطلاق سراح ثلاثة من ضباط المخابرات الأربعة الذين تم اعتقالهم في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2021 في الشهر ذاته، لكن التحقيق في قضية فيندسن لا يزال جاريًا. ويُشتبه في علاقته بثلاثة تسريبات حظيت بتغطية إعلامية واسعة.
وجذبت وسائل الإعلام الدنماركية الرئيسية التي استشهدت بمصادر مجهولة خلال 2020-2021 انتباه الجمهور إلى ثلاث حالات دراماتيكية تتعلق بأجهزة المخابرات الدنماركية: التعاون بين جهاز الأمن والمخابرات الدنماركية وبين وكالة الأمن القومي، بهدف الحصول على بيانات من الكابلات الدنماركية البحرية، والتجسس على كبار السياسيين وموظفي الدولة في دول الجوار.
ساهمت هذه الأحداث الثلاثة في زيادة التوتر داخل مثلث أجهزة المخابرات والإعلام والحكومة. وتم تحذير محرري ومديري وسائل الإعلام الدنماركية الرائدة من قبل جهاز الأمن والمخابرات الدنماركية وجهاز استخبارات الدفاع الدنماركي من أن المادة 109 لا تنطبق فقط على البيانات المسربة، ولكن على المعلومات التي يتم نشرها في الصحف. وقد اعتبر معظم الصحفيين ذلك تهديدا مباشرا.
وأشار الموقع إلى أن النظام الديمقراطي يشكل معضلة خطيرة بالنسبة لأجهزة المخابرات. ويعد وجود مخبرين مجهولين أمرًا ضروريًا للكشف عن تجاوزات أجهزة المخابرات والحكومة، ولكن أنشطتهم تقوض فعالية ومبادئ هذه الخدمات.
موقف التحالف
تعد مسألة السمعة الدولية حساسة لأنها من الأصول غير المادية في علاقات التحالف. تعتبر الفضيحة الحالية من بعض النواحي استمرارا للأحداث التي وقعت في 2013-2014 عندما أفادت هيئة الإذاعة الوطنية الدنماركية، استنادًا إلى مصادر مجهولة، بأن التحقيق الداخلي الذي يعرف باسم “عملية دنهامر” وانتهى في أيار/ مايو 2015 كشف أن وكالة الأمن القومي استخدمت الوصول إلى كابلات اتصالات الغواصات الدنماركية للتجسس على كبار السياسيين في السويد والنرويج وفرنسا وألمانيا، بما في ذلك أنجيلا ميركل وفرانك فالتر شتاينماير وبير شتاينبروك.
وذكر الموقع أن خدمة استخبارات الدفاع الدنماركي كانت على علم بهذا الأمر على الأقل منذ سنة 2015 بسبب التحقيق الداخلي، لكنها لم تتخذ أي خطوات لمنعه، ولم تقم بإبلاغ الحلفاء. وعلى خلفية ذلك، أعربت النرويج والسويد وألمانيا عن استيائها وطالبت بإبلاغها بشكل كامل بتفاصيل التحقيق الجاري.
وفي الحقيقة، فإن من الصعب تقدير التكاليف السياسية الملموسة المرتبطة بهذا السلوك غير المسؤول من جانب الدنمارك داخل التحالف باستثناء أن ترين برامسن اضطرت إلى التنحي في 4 شباط/ فبراير 2022 من منصبها.