دقت الاستخبارات المدنية في الدنمارك (بيت) والعسكرية (إف إي)، أخيرًا، ناقوس
الخطر من ظاهرة تغلغل التطرف القومي والتحريض على العنف وكراهية
المهاجرين في صفوف القوات المسلحة، مستندةً إلى آخر التقارير الأمنية الصادرة حول تهديدات الإرهاب الداخلي لعام 2021.
وحتى عام 2017، كان جهاز الاستخبارات العسكرية الدنماركية يركز في تقاريره على “التطرف الإسلامي” في اختبارات قبول الجنود، قبل أن يبدأ تعديل مصدر التهديد ليشمل أيضاً ظاهرة مقلقة ترتبط بتغلغل أصحاب التفكير اليميني المتطرف في صفوف منتسبيه، الذين لم يخضعوا على ما يبدو لذات الاختبارات، وباتوا اليوم يشكلون مصدر قلق من ارتكاب أعمال إرهاب داخلي، كما حذر رئيس الأركان، بيورن بيسروب، في وقت سابق من الصيف الماضي (يونيو/حزيران 2021)، دون اتخاذ مواقف سياسية حازمة من وزيرة الدفاع عن يسار الوسط ترينا برامسن.
كراهية المهاجرين
تعود القضية إلى الواجهة اليوم تزامناً مع التقرير الأمني السنوي، والذي يحذر من انتشار “كراهية المهاجرين” بين قوات النخب، التي يطلق عليها محلياً “فيلق الضفادع البشرية (فروماند كوربست)”.
وعلى خلفية قضايا كُشف عنها خلال العام الحالي، يذهب جهازا الاستخبارات إلى إطلاق تحذيرات عن إمكانية قيام متطرفين دنماركيين بأعمال إرهابية منسقة ومتواصلة لاستدعاء “ثورة” في المجتمع، على نسق التفكير الفاشي عند جماعات أوروبية أخرى لقلب الأمور، باستهداف متبادل لمجتمعات الهجرة والأوروبية بهدف خلق فوضى عنيفة.
وكان مسؤول رفيع في الجيش الدنماركي، مسؤول قسم الدفاع، فليمنغ لينتفر، حذر سابقاً من أن “التطرف موجود بين الموظفين/المنتسبين (في جيش الدنمارك) ويمثل مشكلة”. وجاء تحذير لينتفر على خلفية قضية لم تؤد إلى ملاحقة قضائية بحق شخص منتسب إلى قوات النخبة، ضابط الاحتياط، لارس غرام، حين حاول تشكيل خلية متطرفة من زملاء له في الضفادع البشرية هدفها تنفيذ مخطط “ثورة” في الدنمارك.
وشارك غرام بلباسه العسكري في تظاهرات يونيو/حزيران الماضي لما عرف باسم “رجال باللباس الأسود”، المناهضة لإجراءات جائحة كورونا في الدنمارك، ولم تجر ملاحقته قضائياً، وهو في الخدمة كضابط احتياط بعقد مستمر بين 2018 ونوفمبر/تشرين الثاني 2021.
هجمات متسلسلة
خطر انتشار التطرف في صفوف القوات المسلحة لا يأتي فقط على خلفية أن الأمر “يتعلق بوحدات متدربة بشكل جيد على القتال”، بل لأن تقييم الاستخبارات الدنماركية، في تقريرها عن “تقييم التهديدات الإرهابية ضد الدنمارك 2021″، يرى أن هؤلاء “سيكونون قادرين على تنفيذ هجمات ذات تأثير خاص، ويشمل ذلك الهجمات المتسلسلة، حيث يقوم الأفراد أو الجماعات بتنفيذ عدة هجمات مستمرة”.
وكان المسؤول في الجيش، فليمنغ لينتفر، عبّر في رسالة مرسلة عبر البريد إلكتروني في وقت سابق من العام الحالي، عن “الفزع” من انتشار التطرف في القوات المسلحة.
وبينت المراسلات الداخلية أن التطرف موجود في جيش البلد، إذ أكد ليفنتر في رسالته إلى القيادة العسكرية أن “القوات المسلحة تلقت، أخيراً، أمثلة ملموسة عن موظفينا الذين عبروا عن وجهات متطرفة أو أبدوا اهتماماً بدوائر التطرف”.
وأكد رئيس قسم الدعم في الجيش، كيم سيمونسن، على أن الجيش يعمل على معرفة ما إذا كان هناك أشخاص “يستخدمون عملهم في القوات المسلحة (الدنماركية) لاكتساب المهارات العسكرية لغرض آخر غير رعاية المصالح الدنماركية، وبالتالي يمكن أن يشكلوا تهديداً داخلياً”.
التطرف اليميني في الجيش
يأتي قلق قيادات عسكرية والأجهزة الأمنية، بحسب ما نقلت صحيفة “بيرلنغسكا”، أمس الاثنين، إذاً على خلفية أن “المنتسبين والمحاربين القدامى يتشاركون في نقطة رئيسة: المهارات القتالية”.
من ناحيته، ينوه جهاز الاستخبارات العسكري، في تقريره حول ما سماه بـ”الإشارات الموضوعية حول المنتسبين وتوجهاتهم اليمينية المتطرفة وحول التطرف الإسلامي المتشدد”، إلى أنه يتعامل مع الإشارتين الموضوعيتين حول التطرف الذي يتهدد القوات المسلحة.
وسياسياً، طالبت النائبة عن اليسار الدنماركي عضو لجنة الاستخبارات في البرلمان، كارين دينهارت، بتقديم وزيرة الدفاع ترينا رامسن (يسار وسط) رداً إلى البرلمان حول ما يثار عن انتشار التطرف اليميني في جيش الدنمارك.
رامسن وجهت رسالة مقتضبة للبرلمان قالت فيها إنه ليس هناك ما يشير إلى “مشكلة عميقة، لكن جهاز الاستخبارات العسكرية وقيادة وزارة الدفاع على دراية تامة بهذه القضية”. واضطرت رامسن، على ضوء التقارير الأمنية المحذرة، إلى إصدار بيان مقتضب أكدت فيه على متابعة القضية بالقول: “نعرف أن هناك تحديات مع انتشار التطرف بين الجنود في دول أخرى، لذا من الطبيعي أن نركز على التطرف في صفوف الجيش الدنماركي”.