50 ألف توقيع لمحاكمة رئيسة الوزراء في الدنمارك
حركة الاحتجاجية ضد سياسة الإغلاق في الدنمارك
استطاعت الحركة الاحتجاجية ضد سياسة الإغلاق في الدنمارك، بسبب جائحة كورونا، جمع أكثر من 50 ألف توقيع دعماً لـ”مقترح شعبي” لتقديم رئيسة الوزراء من يسار الوسط، ميتا فريدركسن، إلى محاكمة وطنية.
ويستند أعضاء الحركة الاحتجاجية إلى تشريع دنماركي يسمح للمواطنين بتقديم مقترح قانون لمناقشته من المشرعين، إذا ما حصلت عريضة المقترح على تواقيع 50 ألف مواطن.
وتعيش الدنمارك على وقع احتجاجات أسبوعية تتخذ طابعاً “متشدداً وأعمال شغب متزايدة”، وفقاً لما تصف وسائل الإعلام المحلية، ويبدو أن تمديد الإغلاق الشامل أدى إلى “انتشار حالة إحباط عام جعل من الممكن للحركة الاحتجاجية جمع عشرات آلاف التواقيع لتقديم فريدركسن إلى محاكمة وطنية”، بحسب ما تشير وكالة الأنباء الدنماركية (ريتزاو).
وتعتمد الحركة الاحتجاجية على ما يسمى محلياً: “فضيحة (حيوان) المنك”، التي أمرت فيها رئيسة الوزراء بإعدام نحو 15 مليوناً منها بعد مخاوف في خريف 2020 من نقلها سلالة متحورة من كورونا إلى البشر، وقبل أن تلقى فريدركسن تأييداً برلمانياً لأمر الإعدام.
ورغم تراجع الحكومة وحصولها على موافقة البرلمان، وتخصيص مبالغ ضخمة لتعويض مربي المنك عن الخسائر، إلا أن اتساع تأييد الاحتجاجات الشعبية بات يوصف باعتباره “تحدياً متشددا لحدود الديمقراطية”، على ما تصف الوضع صحيفة “إنفورماسيون” يوم أمس الاثنين.
نبرة الغضب والتراشق السياسي في الدنمارك باتت تثير قلقاً لدى المشرعين ووسائل الإعلام والأجهزة الأمنية، وخصوصاً بعد تزايد الدعوات لممارسة العنف، بل ورفع شعارات تدعو إلى “إعدام فريدركسن” (وبالفعل وجهت اتهامات لثلاثة محتجين شنقوا وحرقوا مجسما لفريدركسن في نهاية الأسبوع الماضي)، وتوجيه الحركة الاحتجاجية، وخصوصاً في جماعة “رجال باللباس الأسود”، تهديدات لمشرعين وتتبع عناوين مؤيدين لحكومة يسار الوسط.
وتشير الصحافة المحلية في الدنمارك إلى أن تمديد القيود وتكثف الإحباط اليومي “سينشر بسهولة مزاج التمرد على الطبقة السياسية ويصبح خطاب البغضاء أكثر صراحة على هامش النظام السياسي القائم، وهو ما يعني أن الحكومة الديمقراطية تخاطر بوضعها على المحك في المستقبل القريب، فرغم شعبية فريدركسن بسبب تعاطيها مع الجائحة، إلا أن رسم صورة لها كعدو بات أكثر قتامة”، بحسب تقرير لـ”إنفورماسيون” عن ظاهرة “التمرد على النظام الديمقراطي في البلد”.
ولا تبدو مسألة التمرد مقتصرة على احتجاجات عنيفة في الشارع، إذ تفيد سرعة جمع أكثر من 50 ألف توقيع، في أقل من أسبوع لفرض مناقشة برلمانية لمحاكمة رئيسة وزراء دولة ديمقراطية، بأن التململ والغضب أبعد من مسائل “الحقوق الدستورية في التظاهر”.
ويرى مراقبون محليون أن اليأس بات، بسبب الجائحة، يمتد إلى قسم كبير من الدنماركيين، فالصبر الذي تحلى به مواطنو الدول الاسكندنافية، وخصوصاً في النرويج، حيث تُضخ المليارات لتعويض الخسائر، والدنمارك التي تعيش مأزقا أوروبياً عاماً في اتساع استغلال الاحتجاجات، يبدو أنه بات ينفذ مع تمديد الإجراءات المتعلقة بكورونا، وبطء عملية التطعيم، بعد أن أصبح ظاهرة أوروبية بسبب خلافات عميقة على اللقاحات.
اتهامات بالخيانة العظمى
ولم يواجه معسكر يمين ويمين الوسط الدنماركي إجراءات الحكومة منذ ربيع العام الماضي، بل في بعض الجلسات البرلمانية كان يؤيد تشديد الإجراءات، ولكن يبدو أن تراجع أحزابه في الاستطلاعات، لمصلحة أغلبية لليسار ويسار الوسط، باتت تدفع ببعض مكونات هذا المعسكر إلى ركوب موجة الاحتجاج والتململ، كما في خطاب حزبي “الشعب الدنماركي” و”البرجوازية الجديدة” الشعبويين، وفي خطاب حزب المعارضة الرئيس “فينسترا” (ليبرالي وسط).
وندد اليمين بشنق وحرق مجسم فريدركسن باعتباره “هجوماً على نموذج المجتمع الديمقراطي وبطريقة غير دنماركية في التعبير عن الذات”، كما وصف وزير العدل نيك هيكروب، من حزب “الاجتماعي الديمقراطي” الحاكم برئاسة فريدركسن.
ولإثبات خطورة ما يجري، ذهب المدعي العام، سورن هاربو، إلى توجيه اتهامات للأشخاص الثلاثة، الذين قاموا بحرق مجسم فريدركسن، بناء على قانون العقوبات 113، والمتعلق بـ”الخيانة العظمى”، إذ اعتبر عملهم بمثابة هجوم “ضد الملكة أو من يقوم بحكم البلد دستورياً”، كما ينص قانون العقوبات. وذكر هاربو أن استخدام بند “الخيانة العظمى جاء بسبب تحدي هؤلاء لقوانين البلد في ما خص الجائحة والضغط عبر التهديد بقتل رئيسة الحكومة للتراجع عن القوانين”.