إغراءات مالية تقدمها الدنمارك للاجئين السوريين
إغراءات مالية تقدمها الدنمارك للاجئين السوريين
تعتبر الدنمارك محافظة دمشق وما حولها “آمنة” بما يكفي لإعادة اللاجئين
السوريين الذين استضافتهم أثناء الحرب، لكن الإعادة القسرية مستحيلة دون اتفاق
دبلوماسي مع دمشق.
في الانتظار، يفقد اللاجئون السوريون حقوقهم ويتم توقيف بعضهم في مراكز التوقيف الإدارية، بحسب ما تفيد به صحيفة “لاكروا” الفرنسية، وترجم عنها موقع “الحل نت”.
“جحيم على الأرض”؟
اللاجئ هيثم كردي يبدو في حالة من اليأس، وهو يروي ما آل إليه حاله. فمثله مثل 620 لاجئ سوري وأقاربهم، الذين استفادوا من لم شمل الأسرة، قامت السلطات الدنماركية بسحب تصريح إقامته كونه من دمشق، بعدما كان يعيش في الدنمارك منذ عام 2014. لقد كسب حوالي 100 من اللاجئين السوريين في الدنمارك الدعوى بعد الاستئناف، إلا أن طعن هيثم لم يتم قبوله.
هيثم كردي يقيم حاليا في مركز احتجاز، في منطقة جوتلاند، حيث يعيش فيه منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وعليه في كل مرة يدخل فيها أو يغادر مركز الاحتجاز هذا أن يشهر بطاقة معلقة حول رقبته عليها بياناته وصورته.
بنزهات محدودة خلال النهار، وانعدام الراحة، وفحوصات وتدقيقات دائمة، غالباً ما تُقارن هذه المراكز، التي تحتجز اللاجئين الذين لا يمكن إعادتهم قسراً إلى سوريا، بالسجون. ويؤكد هيثم ذلك قائلاً: “إنه جحيم على الأرض”.
في كانون الأول/ديسمبر 2019، قررت لجنة استئناف طلبات اللاجئين الدنماركية أن الوضع في دمشق ومحيطها “لم يعد خطيراً بما يكفي لتبرير منح أو تمديد تصاريح الإقامة المؤقتة بسبب الظروف العامة في المنطقة”. ثم طالبت وزارة الهجرة والاندماج الدنماركية بإعادة فحص 900 ملف لجوء. ومنذ وصولها إلى السلطة في عام 2019، اتبعت الحكومة الاشتراكية الديمقراطية سياسة “هجرة شديدة التقييد”، حيث أظهرت الهدف القاطع المتمثل في “صفر لاجئين”.
استقرت عائلة الديري منذ عام 2015 في مدينة بجنوب الدنمارك، وهي تعيش اليوم أيضاً في محنة شديدة. فقد طعن الأب في عدم تجديد تصريح إقامته ورُفِض طلبه في شهر أيار/مايو الماضي.
منذ ذلك الحين، وبعد أن تم سحب حقوقه، لم يعد قادراً على العمل. وهو ينتظر إما إرساله إلى مركز احتجاز أو إعادة فتح ملفه بناء على طلب محاميه. “نحن مرهقون، نريد فقط إجابة، حتى لو كانت رفضاً جديداً”، تقول ابنته الكبرى سارة، البالغة من العمر 19 عاماً. وهذه الشابة، التي تواصل التحضير للبكالوريا الدولية في انتظار رد الإدارة على طلب لجوئها، تخشى من تفكك أسرتها.
إغراءات مالية
للعودة طواعيةً، عُرض على (الأب) محمد الديري مبلغ مائتي ألف كرونة دنماركية، أي ما يقرب من 27 ألف يورو. ويعلق نيلز-إريك هانسن، محامي عدد من اللاجئين في كوبنهاغن، قائلاً: “من خلال التعويض المالي والتهديد بمراكز الاحتجاز، يتم عمل كل شيء لضمان عودتهم الطوعية من تلقاء ذاتهم”.
الكثير من اللاجئين السوريين يحاولون الآن تجربة حظهم في بلدان أوروبية أخرى. وقد حاول بالفعل هيثم كردي الحصول على حق اللجوء في ألمانيا. ولكن هناك أيضاً تم رفض طلبه، واضطر للعودة إلى الدنمارك بعد ثلاثة أشهر.
أما بالنسبة لعائلة الديري، فلا يمكنها تصور “بداية جديدة”، حيث توضح سارة قائلة: “رغم كل ما يحدث الآن، نشعر بأنفسنا دنماركيين”. وتستبعد هذه الأسرة المكونة من ثلاثة أطفال فرضية العودة إلى سوريا. فقد اضطر والدها، وهو محام في سوريا، إلى الفرار من تنظيم “داعش” والقوات الحكومية السورية. وهو يخشى الانتقام إذا ما عاد اليوم، كما تؤكد عائلته.
من جانبه، يرى المحامي هانسن، بأنه من غير المرجح أن تعيد السلطات الدنماركية هؤلاء اللاجئين قسراً. “في النهاية، لقد حققوا بالفعل هدفهم، وهو إرسال رسالة واضحة جداً للأجانب الراغبين في التقدم بطلب للحصول على اللجوء في الدنمارك”، يوضح المحامي. وبالفعل، منذ عام 2017، انخفضت طلبات اللجوء في هذا البلد بشكل كبير.