الدنمارك بالعربي
معاناة المغتربين لإيجاد سكن في العاصمة الدنماركية
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
تبوّأت الدنمارك، ولسنوات متتالية، مركز الصدارة في عدة استطلاعات للرأي عن أكثر الأماكن سعادة على وجه الأرض، وذلك لما تتصف به من مستويات المعيشة الجيدة، وأجوائها المفضلة لدى الشركات الناشئة، ووجود توازن صحي بين الحياة والعمل.
أما الآن، فتعاني الدنمارك وعاصمتها كوبنهاغن من اشتعال أسعار سوق استئجار السكن.
لكل شيء رائج ضريبته، في نهاية المطاف. ونظراً للزيادة السكانية في كوبنهاغن، أدى تدفق القادمين الجدد إلى نقص في السكن، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمساكن المؤجرة، حيث يتفوق الطلب على العرض. وتتوقع بلدية كوبنهاغن أن تحقق المدينة نموا سكانيا يصل مجموعه إلى 11 ألف شخص في نهاية عامنا هذا، وبما يقرب من 100 ألف بحلول عام 2027.
“سنصل إلى نقطة تحول نوعية في هذا العام عندما نتجاوز رقم 600 ألف كوبنهاغني. ويعني هذا أننا سنظل بحاجة ماسّة إلى بناء مساكن يقدر على شرائها سكان كوبنهاغن من ذوي الدخول الاعتيادية”، حسبما يقول رئيس بلدية المدينة فرانك ينسن. تأمل المدينة في تحديد 9 آلاف مقيم جديد من موظفي الطبقات الدنيا والمتوسطة، وعملت البلدية ما بوسعها لتتجنب تحول المدينة إلى مدينة ذات شقق فاخرة فقط.
تغيير كبير
يوجد سببان رئيسيان لارتفاع المنافسة على السكن، وهما زيادة عدد المتزوجين الجدد من الدنماركيين ممن يبقون في المدينة حالما يؤسسون عائلة بدل الانتقال إلى ضواحيها المجاورة، إضافة إلى زيادة عدد المنتقلين للإقامة في المدينة.
ويقول مسؤولو المدينة إن هناك حاجة لبناء 45 ألف وحدة سكنية جديدة خلال السنين العشر القادمة لتلبية متطلبات الزيادة السكانية.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
وتوجد الكثير من مشاريع البناء الجديدة في المدينة، وبالأخص في أحياء نوردهافن وكارلزبيرغ باين، وسلوسهولمن، وجميعها كانت سابقاً أحياءً صناعية. لكن تشارلوت لارسن، مديرة شركة “مساكن كوبنهاغن” والتي تساعد المغتربين على إيجاد أماكن سكن في المدينة، تراودها مخاوف؛ فقد لا تكون هذه الأحياء، بالضرورة، مفيدة لمن يبحثون عن سكن لتأجيره.
“مما يؤسف له إن معظم الشقق التي تُبنى حديثاً في كوبنهاغن هي كبيرة وغالية. نحتاج إلى شقق أصغر بأقل من 10 آلاف كرونا دانماركية (حوالي 1،500 دولار أمريكي) في الشهر، لكي تلبي الطلب.”
وسيكلفك شراء شقة بمساحة 97 مترا مربعا في حي كارلزبيرغ باين، أو بمساحة 70 مترا مربعا في حي نوردهافن، قرابة 3.4 مليون كرونا (501،422 دولار أمريكي). وللمقارنة، يكلف تأجير شقة بمساحة 100 متر مربع مطلة على البحر في حي نوردهافن حالياً حوالي 18 ألف كرونا (2،655 دولار أمريكي) شهرياً.
مستويات مختلفة
أصبح سوق الإيجارات في المدينة معقداً بشكل لا يصدق، وتسوده المنافسة المستعرة، حسب قول لارسن.
وتضيف: “إن أكبر التحديات التي تواجه من يأمل في الانتقال للعيش في المدينة هي أن الشقق المتوفرة للإيجار قليلة جداً بينما يزيد الطلب عن المعروض”. ليس غريباً أن البعض يقضي ثلاثة أشهر في محاولة إيجاد شقة ذات قيمة إيجارية مناسبة.
تتفق مع ذلك ترين لوهمان بيدرسن، التي قررت العودة إلى الدنمارك من البرتغال في عام 2015.
وتقول بيدرسن: “تحتاج إلى زيارة مواقع الإنترنت منذ الصباح الباكر، وأن تواصل تحديث الصفحة (أو الصفحات)، وإلا ستُعرض شقة على موقع ما لتطير من يديك خلال ساعات”.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ولم تجد بيدرسن أية مشقة لغوية لتبحث عن غايتها، لكونها ناطقة بالدنماركية، ولكن رغم ذلك “كانت عملية البحث عن سكنٍ كوظيفة بدوام كامل”. وقد استغرق أمر إيجاد شقة، بالنسبة لبيدرسن، شهرين.
إن الأنظمة واللوائح المعدّة لتثبيت قيمة الإيجارات تعقد الأمور أكثر. وتماماً مثل مدينة نيويورك، تساهم هذه الأنظمة في المحافظة على عدد كبير من الشقق السكنية المخصصة للإيجار في المباني القديمة بمركز المدينة بإيجارات منخفضة بشكل مصطنع، لذا فإنها نادراً ما تفرغ من ساكنيها.
ويعني هذا أن الشقق غير المشمولة بالأنظمة واللوائح (على سبيل المثال، الشقق التي يجري تعميرها أو التي بُنيت بعد عام 1991)، تصبح غالية الثمن عند محاولة استئجارها، حسبما توضح لنا لارسن.
ويكلف إيجار شقة بمساحة 70 مترا مربعا، وتخضع للوائح ضبط الإيجارات، مبلغاً زهيداً يقدر بحوالي 6،400 كرونا (943 دولار أمريكي) شهرياً، بينما يصل معدل إيجار شقة بغرفة نوم واحدة في سوق الإيجارات غير الخاضعة للوائح والأنظمة، وفي مركز المدينة قرابة 8،634 كرونا (1،272 دولار أمريكي).
كما أن ما نسبته واحد إلى ستة في المئة من المساكن المؤجرة قد بُنيت بعد عام 1991، حسب تقارير تعود إلى عامي 2015 و 2016.
كما يزيد أصحاب العقارات من الطين بلة لكي يضمنوا حصولهم على عقد طويل. فليس من المستغرب على سبيل المثال أن يُطلب منك دفع إيجار سبعة أشهر مقدما لتضمن سكناً ما. ويتقدم الكثيرون بطلب قرض لكي يستطيعوا تغطية هذه النفقات.
التطلع إلى المستقبل
كما هو الحال في العديد من المدن الكبرى المرغوبة في مختلف بقاع العالم، تنخفض الإيجارات كثيراً، وتزداد الخيارات إذا ما قررت العيش في ضواحي المدينة.
تقول لارسن: “من الأمور الأساسية أن تحدد ما تريده بالضبط لكي تتهيأ لقبول العيش في أماكن أخرى غير مركز المدينة. ومع المستوى الجيد للمواصلات العامة، فإن الكثير من الأحياء البعيدة لا تبعد زمنياً سوى نصف ساعة عن مركز المدينة.”
وقد انتقل أليكس روس، وهو مدرس سابق، من بريطانيا إلى كوبنهاغن في مارس/آذار من هذا العام. ويقول: “كان من الصعب إيجاد سكن ضمن الميزانية التي حددناها، لكن الأمر كان سهلاً لأننا لم نضع شروطاً كثيرة فيما يتعلق بالمناطق التي نريدها. فقد أردنا أن نكون قريبين من كوبنهاغن، غير أننا كنا فرحين بالعيش خارجها، مما أتاح لنا الحصول على ما هو أفضل مقابل ما دفعناه.”
كما تحلى روس بالمرونة أيضاً عندما وصل إلى كوبنهاغن. ويضيف: “كان أول سكن انتقلنا إليه في كوبنهاغن هو سكن مشترك. وأعطانا هذا منافع هائلة فيما يتعلق بالتعرف على أهالي المنطقة، وإقامة علاقات صداقة.”
قبل الوصول إلى هناك، تأكد من ضبط حساباتك وأمورك المادية، وإعداد توقعات معقولة فيما يخص الميزانية. فقد اكتشفت كارا وونغ، القادمة من سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، أن الأسعار في المدينة كانت أعلى بكثير مما توقعته.
وتقول وونغ: “لقد انتهى بي الأمر إلى زيادة ميزانيتي بنسبة تجاوزت 25 في المئة من أجل إيجاد سكن في المدينة. لم تكن المنطقة التي أقمت فيها، في النهاية، واحدة من الأحياء التي كنت أفكر في الإقامة فيها أساساً”.
وتضيف: “يجب على المرء أن يتهيأ للشعور بخيبة الأمل، أو زيادة ميزانيته بشكل معتبر، حتى يجد سكناً هنا”.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});