زها حديد: السيدة العراقية التي وصلت للعالمية بإبداعاتها المعمارية
زها حديد: عراقية وصلت للعالمية بإبداعاتها المعمارية
مدى بوست -فريق التحرير
زها حديد مبدعة عراقية عربية، وصلت للعالمية وكانت تحمل الجنسية البريطانية، لا حدود لخيالها، ولم يكبح جماح إبداعها المعماري أحد.
طوعت الحديد في يديها، وصنعت منه أيقونات في الفن المعماري، فلقبت بالمرأة الحديدية، كانت لها بصمة مميزة ومدرسة معمارية قائمة بحد ذاتها، رحلت لكن بقي اسم زها حديد خالدًا، وسيبقى، لأن الفن لا يموت
زها حديد.. من هي؟
زُهاء محمد حسين حديد اللهيبي، الشهيرة باسم زُها حديد، هي معمارية عراقية بريطانية، وُلدت في بغداد 31 أكتوبر 1950 وتُوفيت في ميامي، 3 يوليو 2016، عن عمرٍ ناهز 66 عامًا. والدها محمد حديد، كان أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي العراقي والوزير الأسبق للمالية العراقية بين عامي 1958-1960م.
ظلت حديد تدرس في مدارس بغداد حتى انتهائها من دراستها الثانوية، وحصلت على شهادة الليسانس في الرياضيات من الجامعة الأميركية في بيروت 1971، ولها شهرة واسعة في الأوساط المعمارية الغربية، وحاصلة على وسام التقدير من الملكة البريطانية.
تخرجت عام 1977 من الجمعية المعمارية بلندن، وعملت كمعيدة في كلية العمارة 1987، وانتظمت كأستاذة زائرة في عدة جامعات في دول أوروبا وبأمريكا منها هارفرد وشيكاغو وهامبورغ وأوهايو وكولومبيا ونيويورك وييل.
عندما سئلت عن أي نصب تذكاري بغدادي تفضل أن يكون “رمزًا إعلاميًا لبغداد” لم تتردد في القول أنها ترى نصب “كهرمانة” الأفضل لأنه يرمز لعصر الرشيد الذهبي لبغداد وقصص ألف لية وليلة وهذا مرتبط أساسا بالخيال الجمعي العالمي لبغداد.
التزمت زها بالمدرسة التفكيكية التي تهتم بالنمط والأسلوب الحديث في التصميم، ونفذت 950 مشروعًا في 44 دولة. تميزت أعمالها بالخيال، حيث إنها تضع تصميماتها في خطوط حرة سائبة لا تحددها خطوط أفقية أو رأسية. كما تميزت أيضًا بالمتانة، حيث كانت تستخدم الحديد في تصاميمها.
أبرز المشاريع التي أوصلت حديد بجدارة إلى الساحة العالمية، كانت مشاريع محطة إطفاء الحريق في ألمانيا عام 1993، مبنى متحف الفن الإيطالي في روما عام 2009، متحف الفن الأمريكي في سينسياتي، جسر الشيخ زايد في أبو ظبي، مركز لندن للرياضات البحرية؛ والذي تم تخصصيه للألعاب الأولمبية التي أقيمت عام 2012، محطة الأنفاق في ستراسبورج، المركز الثقافي في أذربيجان، المركز العلمي في ولسبورج، محطة البواخر في سالرينو، مركز للتزحلق على الجليد في إنسبروك، مركز حيدر علييف الثقافي في باكو عام 2013.
جوائز وأوسمة في حياة المعمارية زها حديد
نالت حديد العديد من الجوائز الرفيعة والميداليات والألقاب الشرفية في فنون العمارة، وكانت من أوائل النساء اللواتي حصلن على جائزة “بريتزكر” في الهندسة المعمارية عام 2004، وهي تعادل في قيمتها جائزة نوبل في الهندسة.
نالت أيضًا جائزة “ستيرلينج” وهي جائزة بريطانية تمنح للتميز في الهندسة المعمارية من قبل المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين، وقد حصلت عليها مرتين في حياتها.
حازت وسام الإمبراطورية البريطانية والوسام الإمبراطوري الياباني عام 2012. وحازت على الميدالية الذهبية الملكية ضمن جائزة ريبا للفنون الهندسية عام 2016، لتصبح أول امرأة تحظى بها.
وصفَت حديد بأنها أقوى مُهندسة في العالم، وكانت ترى أن مجال الهندسة المعمارية ليس حكرًا على الرجال فحسب، فقد حققت إنجازات عربية وعالمية، ولم تكتفِ بالتصاميم المعمارية فحسب بل صممت أيضًا الأثاث وصولًا بالأحذية، وحرصت أسماء عالمية مرموقة على التعاون مع حديد، ما جعل منتقديها يطلقون عليها لقب ليدي جاجا بعالم الهندسة، لغرابة تصاميمها الهندسية، وقد اختيرت كرابع أقوى امرأة في العالم عام 2010.
نشأة زها حديد
تلقت حديد تعليمها الابتدائي والثانوي بمدرسة الراهبات الأهلية، والتي قالت عنها في حوار مُسجل لها: “التحقت بمدرسة الراهبات في بغداد، كنت فتاة مسلمة في الدير، وهناك فتيات يهوديات، كانوا ملتزمات بالذهاب إلى الكنيسة، والصلاة بها”.
وأردفت قائلة أنه عند عودتها إلى المنزل كانت تسأل والدها: “لماذا لا نصلي مثلهم؟”، وما كان من والدها إلا أن أخبرها بأنهم ليسوا مسيحيون، وبالتالي، ليس عليهم الذهاب إلى الكنيسة.
وقد أشارت حديد إلى أنها تلقت تربية عصرية في العراق، واستفادت من تربية والديها المُستنيرة لها ولدعمهما غير المشروط، وأنهما كانا المُلهمين الكبيرين لها. بالإضافة إلى أن حماسهما وتشجيعهما هو ما أيقظ طموحها وأعطاها ثقة كبيرة في نفسها.
في سن السادسة من عمرها، اصطحبها والداها إلى معرض خاص بـ “فرانك لويد رايت” في دار الأوبرا ببغداد، ووقتها كانت قد انبهرت كثيرًا بالأشكال التي شاهدتها. وفي سن الحادية عشر، حددت حديد اهتماماتها لتصبح معمارية، فقامت بتصميم ديكور غرفتها، وكانت تراقب التصميمات المعمارية للمباني.
بدأت حديد دراستها خارج العراق في السادسة عشرة من عمرها. كانت والدتها ربة بيت، بينما كان والدها محمد حديد، رئيس شركة صناعية وناشطًا سياسيًا وأحد القادة في الحزب الوطني الديمقراطي العراقي والوزير الأسبق للمالية العراقية، الذي اشتهر بتسيير اقتصاد العراق خلال الفترة من عام 1958 حتى 1963.
كانت والدة حديد تُحب الرسم وتمارسه بشكل جيد، وهي من علمتها الرسم، حيث كان لها ذوق رائع ونظرة حادة للأشكال الجميلة. وقد زرع والديها بها حب المعرفة وأهمية الدراسة والتحصيل العلمي كجواز سفر الإنسان في الحياة. فقد اعتبرتهم حديد بمثابة الإنارة في حياتها، فقد وفرا لها الدعم الكبير حين اختارت دراسة العمارة في الخارج.
يذكر أن حديد قالت في إحدى مقابلاتها أن لديهم بيتًا لا يزال قائمًا ببغداد، يعود إلى الثلاثينات بقطع أثاث من الخمسينات.
وفاة زها حديد
تُوفيت حديد في 31 مارس عام 2016 عن عُمر ناهز 65 عامًا، إثر إصابتها بأزمة قلبية في إحدى مستشفيات ميامي بالولايات المتحدة، كما أعلن مكتبها في لندن، حيث قال: “بحزن كبير تؤكد شركة زها حديد للهندسة المعمارية أن زها تُوفيت بشكل مفاجئ في ميامي هذا الصباح، وكانت تعاني من التهاب رئوي أصيبت به مطلع الأسبوع وتعرضت لأزمة قلبية أثناء علاجها في المستشفى”.
لا يوجد الكثير من المعلومات الشخصية عن حياة حديد، لكن تشير عدة مصادر إلى أنها لم تتزوج، وبالتالي ليس لديها أبناء، اهتمت بحياتها العملية وتصاميمها المعمارية، وبلغت ثروتها ما يزيد عن 80 مليون دولار.